تدريب على تحليل نص – محور النادرة عند الجاحظ السنة الثانية ثانوي
شرح نص محور النادرة الجاحظ سنة 2 ثانوي

تدريب على تحليل نص – محور النادرة عند الجاحظ السنة الثانية ثانوي, تدريب مفصل. تدريب في العربية سنة 2 ثانوي.
النص:
حدثني أحمد المكي قال: قلت لأبي سعيد مرة: والله إنك لكثير المال، وإنكلتعرف ما نجهل، وإن قميصك وسخ، فلم لا تأمر بغسله؟
قال:.. إني قد فكرت في هذا منذ ستة أشهر، فما وضح لي بعد الأمر فيه. أقول مرة: الثوب إذا اتسخ أكل البدن، كما يأكل الصدأ الحديد، والثوب إذا ترادفه العرق وجف، وتراكم عليه الوسخ ولبد، أكل السلك، وأحرق الغزل. هذا يثن ريحه، وقبح منظره.
فإذا اجتمعت هذه الخواطر هممت بغسلها، فإذا هممت به، عارضني معارض يوهمني أنه أتاني من جهة الحزم، ومن قبل العقل، فقال: أول ذلك الغرم الذي يكون، في الماء والصابون، والجارية إذا ازدادت عناء، ازدادت أكلا.
والصابون نورة، والنورة تأكل الثوب. وإن انحزق، لا يزال الثوب على خطر، حتى يسلم إلى العصر والدق(..) ولابد من الجلوس يومئذ في البيت(..).فإذا أنا لبستها، وقد أبيضت وحسنت وخفت وطابت، تبينت عند ذلك وسخ جسدي، وكثرة
شعري، وقد كان بعض ذلك موصولاً ببعض، فعرفته(..)؛ فيصير ذلك مدعاة إلى دخول الحمام. فإن دخلته فغرم ثقيل، مع المخاطرة بالثياب. ولي امرأة جميلة شابة.
فإذا رأتني قد أطليت وغسلت رأسي وبيضت ثوبي، عارضتني بالتطيب، وتلبس احسن ثيابها!
مع أمور كثيرة، نسي بعضها أحمد، وبعضها أنا.
الجاحظ – البخلاء
حلل النص تحليلا مسترسلا مستعينا بما يلي من الأسئلة:
تبين بنية النادرة الظاهرة والخفية ؟
يقدم البخيل سيرورتين حجاجيتين لاتخاذ قرارين متناقضين: حلل ذلك.
ما الذي يثير الإضحاك في شخصية أبي سعيد البخيل ؟
إصـلاح تحليل النص
المقدمة:
التمهيد: الشخصية القصصية هي اختزال لعالم كامل من القيم وذلك من خـلال أقوالهـا وأعمالهـا وأحوالهـا. ولا بد أن يتفـتن الكاتـب أو الأديـب في رسمها، وهو ما نلمس صداه في رسم الجاحظ صورة البخيل في نوادره.
وضع النص في إطاره: ويمثل هذا النص نادرة من النوادر الواردة في كتـاب البخلاء
موضوع النص: وفيها يعرض الكاتب المعضلة التي يتخبط فيها البخيل وهي التردد في غسل القميص من عدمه.
التصميم: فما الشكل الفني الذي اتخذته النادرة؟ وما هي أهم الحجج التي عرضها البخيل لتبرير تردده وعجزه عن حسم مسألة غسل القميص؟ وإلى أي حد برع الجاحظ في نحت صورة بخيله؟
تفكيك النص:
بنية النص:
يمكن تقطيع النص وفقا لمعيار بنيوي هو السند والمتن والتعليق. فالسند: من قوله: “حدثني أحمد ” إلى قوله: ” قال”.
والمتن: من قوله: ” قلت لأبي سعيد ” إلى قوله:” وتلبس أحسن ثيابها!”.
أما التعليق ، فمن قوله :” مع أمور” إلى آخر النص. غير أن المتن يمكن أن يتوزع إلى ثنائية السؤال والجواب :
أ) السؤال: من قوله: ” والله إنك لكثير المال ” إلى قوله:” لا تأمر بغسله؟”
ب) الجواب: من قوله: ” قال:.. إني قد فكرت ” إلى قوله:” وتلبس أحسن ثيابها! “
ويمكن توزيع الجواب إلى لحظتين:
أ) التفويت: من قوله: ” إني قد فكرت ” إلى قوله:” هممت نغسلها.”
ب) الاستدراك: من قوله: ” فإذا هممت به ” إلى قوله:” وتلبس أحسن ثيابها! “.
ملاحظة : سيتم الاهتمام بمنطق البخيل أي التفويت والاستدراك.
التحليل المقطعي:
1) المقطع الأول:
التفويت : يعرض البخيل جملة من الحجج تدفعه إلى غسل القميص. وهي أكل الوسخ البدن والسلك وإحراقه الغزل مع النتانة وقبح المنظر. وقد استخدم تراكيب تلازمية تربط السبب بالنتيجة فبدا كلام البخيل منطقيا ذا وجاهة إلى حد ما . واعتمد البخيل التشبيه التمثيلي فربط بين صورة الصدإ يأكل الحديد وصورة الوسخ ياكل البدن والثوب معا.
هكذا يبدو البخيل رجلا عارفا بالأصول ملتزما بالعرف. غير أنه ينقلب على منطقه فيكون الاستدراك.
المقطع الثاني:
الاستدراك : عرض البخيل جملة من الحجج تجعله يتراجع عن قرار غسل القميص وهي الغرم في الماء والصابون، وطعام الجارية، وإمكان تلف القميص،
والجلوس في البيت، و دخول الحمام، والمخاطرة بالثياب، ومغازلة الزوجة له.. وقد التزم بنفس الأسلوب الوارد في طور التفويت : التراكيب التلازمية التي تربط السبب بالنتيجة مع الحرص على بيان ترابط الأسباب بالنتائج وهو أسلوب
التوليد والقرينة على ذلك تواتر استعمال فاء النتيجة .
يبدو منطق البخيل غريبا شاذا وذلك لربطه بين أمور لا تخطر على بال المرء في الوضع العادي مثل الربط بين غسل الثوب وتعرض الزوجة له.
التقويم
داخليا:
ما يثر الإضحاك في شخصية أبي سعيد البخيل هو تفكيره الدقيق في أمر يقوم به الإنسان عادة دون عناء تفكير أو تدبير .
سلوك البخيل في الأصل صادر عن خوف من غوائل الدهر وتقلباته، فهو ليس نابعا من العقل – وإن أوهمنا البخيل بذلك، وإنما من نفس ضعيفة.
خارجيا
من وجوه الطرافة في هذه النادرة منطق البخيل وقدرته على جمع الحجج للإقناع بموقفه إن في هذا الاتجاه أو ذاك.
التأليف:
فنيا:
براعة الجاحظ في تقمص دور البخيل لنقل منطقه الخاص والإيهام بقوته العقلية ويتجلى ذلك من خلال تنوع الأساليب الحجاجية وأهمها التراكيب التلازمية والتشبيه.
مضمونيا:
يعكس النص من خلال شخصية البخيل ظاهرة امتزاج الحياة العقلية بتغير الجاحظ. القيم في عصر
الخاتمة:
غلق القول في النص:
يمكن القول في خاتمة المطاف إن هذا النص يستمد قيمته من قدرة كاتبه وهو الجاحظ على الغوص في شخصية البخيل لعرض طريقة تفكيرها ومنطقها الغريب الذي لا يسلم من الشذوذ.
فتح الآفاق:
فهل أن هذه النادرة مستلهمة من الواقع حقا أم هي مصنوعة صنعا من قريحة الجاحظ ؟